قصة سيدنا العُزَيْر عليه السلام
قال تعالى:
وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّه ِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّه ِ " إلى قوله سبحانه " عَمَّا يُشْرِكُونَ " ( التوبة)30
من أنبياء بني إسرائيل، أماته الله مئة عام ثم بعثه، جدد الدين لبني إسرائيل وعلمهم التوراة بعد أن نسوها وكان يحفظ التوراة، ثم وقعت له قصة مدهشة، فقد أماته الله مائة عام ثم بعثه .
مرت الأيام على بني إسرائيل في فلسطين، وانحرفوا كثير عن منهج الله عز وجل. فأراد الله أن يجدد دينهم، بعد أن فقدوا التوراة ونسوا كثيرا من آياتها، فبعث الله تعالى إليهم عزيرا
أمر الله سبحانه وتعالى عزيرا أن يذهب إلى قرية. فذهب إليها فوجدها خرابا، ليس فيها بشر فوقف متعجبا، كيف يرسله الله إلى قرية خاوية ليس فيها بشر. وقف مستغربا، ينتظر أن يحييها الله عزوجل وهو واقف! لأنه مبعوث إليها. فسؤاله سؤال تعجب وليس اعتراض. فأماته الله مئة عام
أ{أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ} البقرة أية 259
قبض الله تعالى روحه وهو نائم، ثم بعثه. فاستيقظ عزير من نومه
(فأرسل الله له ملكا في صورة بشر: (قَالَ كَمْ لَبِثْتَ
فأجاب عزير: (قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ). نمت يوما أو عدة أيام على أكثر تقدير
فرد الملك: (قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ). ويعقب الملك مشيرا إلى إعجاز الله عز وجل (فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ) أمره بأن ينظر لطعامه الذي ظل بجانبه مئة سنة، فرآه سليما كما تركه، لم ينتن ولم يتغير طعمه او ريحه. ثم أشار له إلى حماره، فرآه قد مات وتحول إلى جلد وعظم. ثم بين له الملك السر في ذلك (وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ). ويختتم كلامه بأمر عجيب (وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا) نظر عزير للحمار فرأى عظامه تتحرك فتتجمع فتتشكل بشكل الحمار، ثم بدأ اللحم يكسوها، ثم الجلد ثم الشعر، فاكتمل الحمار أمام عينيه.
فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
سبحان الله أي إعجاز هذا.. ثم خرج إلى القرية، فرآها قد عمرت وامتلأت بالناس. فسألهم: هل تعرفون عزيرا؟ قالوا: نعم نعرفه، وقد مات منذ مئة سنة. فقال لهم: أنا عزير. فأنكروا عليه ذلك. ثم جاءوا بعجوز معمّرة، وسألوها عن أوصافه، فوصفته لهم، فتأكدوا أنه عزير. فأخذ يعلمهم التوراة ويجددها لهم، فبدأ الناس يقبلون عليه وعلى هذا الدين من جديد، وأحبوه حبا شديدا وقدّسوه للإعجاز الذي ظهر فيه، حتى وصل تقديسهم له أن قالوا عنه أنه ابن الله عزوجل
قصة سيدنا العزير على لسان الإمام الباقر عليه السلام
عن الإمام الصادق عليه السلام عندما استدعى هشام بن عبد الملك الإمام الباقر عليه السلام لمجلسه في حادثة مشهورة اخترنا منها موضع الحاجة:
فأطرق هشام طويلا ثم رفع رأسه فقال : سل حاجتك . فقال قال عليه السلام :
خلفت أهلي وعيالي مستوحشين لخروجي ، فقال : قد آنس الله
وحشتهم برجوعك إليهم ، ولا تقم أكثر من يومك ، فاعتنقه أبي ودعا له
وودعه وفعلت أنا كفعل أبي ، ثم نهض ونهضت معه ، وخرجنا إلى بابه إذا ميدان ببابه وفي آخر الميدان أناس قعود عدد كثير قال أبي من هؤلاء فقال الحجاب هؤلاء القسيسون والرهبان وهذا عالم لهم يقعد إليهم في كل سنة يوماً واحداً يستفتونه فيفتيهم فلف أبي عند ذلك رأسه بفاضل ردائه وفعلت أنا مثل فعل أبي فأقبل نحوهم حتى قعد نحوهم وقعدت وراء أبي ورفع ذلك الخبر إلى هشام فأمر بعض غلمانه أن يحضر الموضع فينظر ما يصنع أبي فأقبل وأقبل عداد من المسلمين فأحاطوا بنا وأقبل عالم النصارى وقد شد حاجبيه بحريرة صفراء حتى توسطنا فقام إليه جميع القسيسين والرهبان مسلمين عليه فجاءوا به إلى صدر المجلس فقعد فيه وأحاط به أصحابه وأبي وأنا بينهم فأدار نظره ثم قال لأبي أمنا أم من هذه الأمة المرحومة؟
فقال أبي: بل من هذه الأمة المرحومة.
فقال من أيهم أنت من علمائها أم من جهالها؟
فقال له أبي: لست من جهالها.
فاضطرب اضطراباً شديداً، ثم قال له: أسألك.
فقال له أبي: سل.
فقال: من أين ادعيتم أن أهل الجنة يطعمون ويشربون ولا يحدثون ولا يبولون وما الدليل فيما تدعونه من شاهد لا يجهل؟
فقال له أبي: دليل ما ندعي من شاهد لا يجهل الجنين في بطن أمه يطعم ولا يحدث.
قال فاضطرب النصراني اضطراباً شديداً، ثم قال هلا زعمت أنك لست من علمائها؟
فقال له أبي: ولا من جهالها وأصحاب هشام يسمعون ذلك.
فقال لأبي: أسألك عن مسألة أخرى.
فقال له أبي: سل.
فقال من أين ادعيتم أن فاكهة الجنة أبداً غضة طرية موجودة غير معدومة عند جميع أهل الجنة وما الدليل عليه من شاهد لا يجهل.
فقال له أبي: دليل ما ندعي أن ترابنا أبداً يكون غضاً طرياً موجوداً غير معدوم عند جميع أهل الدنيا لا ينقطع.
فاضطرب اضطراباً شديداً ثم قال: هلا زعمت أنك لست من علمائها.
فقال له أبي: ولا من جهالها.
فقال له: أسألك عن مسألة.
فقال سل.
فقال: أخبرني عن ساعة لا من ساعات الليل ولا من ساعات النهار فقال له أبي هي الساعة التي بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس يهدأ فيها المبتلى ويرقد فيه الساهر ويفيق المغمى عليه جعلها الله في الدنيا رغبة للراغبين وفي الآخرة للعاملين لها دليلاً واضحاً وحجة بالغة على الجاحدين المتكبرين التاركين لها.
قال فصاح النصراني صيحة ثم قال: بقيت مسألة واحدة والله لأسألك عن مسألة لا تهدي إلى الجواب عنها أبداً.
قال له أبي: سل فإنك حانث في يمينك.
فقال: أخبرني عن مولودين ولدا في يوم واحد وماتا في يوم واحد عمر أحدهما خمسون سنة وعمر الآخر مائة وخمسون سنة في دار الدنيا.
فقال له أبي: ذلك عزير وعزيرة ولدا في يوم واحد فلما بلغا مبلغ الرجال خمسة وعشرين عاماً مر عزير على حماره راكباً على قرية بأنطاكية ((وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها)) وقد كان اصطفاه وهداه، فلما قال ذلك القول غضب الله عليه فأماته الله مائة عام سخطا عليه بما قال ثم بعثه على حماره بعينه وطعامه و شرابه وعاد إلى داره وعزيرة أخوه لا يعرفه فاستضافه فأضافه وبعث إليه ولد عزيرة وولد ولده وقد شاخوا و عزير شاب في سن خمس وعشرين سنة فلم يزل عزير يذكر أخاه وولده وقد شاخوا وهم يذكرون ما يذكرهم ويقولون ما أعلمك بأمر قد مضت عليه السنون والشهور ويقول له عزيرة وهو شيخ كبير ابن مائة وخمس وعشرين سنة ما رأيت شاباً في سن خمس وعشرين سنة أعلم بما كان بيني وبين أخي عزير أيام شبابي منك فمن أهل السماء أنت أم من أهل الأرض فقال يا عزيرة أنا عزير سخط الله علي بقول قلته بعد أن اصطفاني و هداني فأماتني مائة سنة ثم بعثني لتزدادوا بذلك يقيناً إن الله على كل شيء قدير وها هو هذا حماري وطعامي وشرابي الذي خرجت به من عندكم أعاده الله تعالى كما كان فعندها أيقنوا فأعاشه الله بينهم خمساً وعشرين سنة ثم قبضه الله وأخاه في يوم واحد.
فنهض عالم النصارى عند ذلك قائماً و قاموا النصارى على أرجلهم فقال لهم عالمهم جئتموني بأعلم مني وأقعدتموه معكم حتى هتكني وفضحني و أعلم المسلمين بأن لهم من أحاط بعلومنا وعنده ما ليس عندنا لا والله لا كلمتكم من رأسي كلمة واحدة ولا قعدت لكم إن عشت سنة فتفرقوا وأبي قاعد مكانه و أنا معه ورفع ذلك الخبر إلى هشام فلما تفرق الناس نهض أبي وانصرف إلى المنزل الذي كنا فيه فوافانا رسول هشام بالجائزة وأمرنا أن ننصرف إلى المدينة من ساعتنا ولا نجلس لأن الناس ماجوا وخاضوا فيما دار بين أبي وبين عالم النصارى فركبنا دوابنا منصرفين .... إلى آخر الحديث وفيه تفاصيل مرورهم ( ع ) الى مدين ومجريات الأمور هناك.{ مدينة المعاجزج5ص66،،،، بحار الأنوارج46ص 309 }
القصة منقولة من مجلة الهدى