الغَرور فی القرآن الکریم
لقد وردت هذه المفردة فی القرآن الکریم مرّات عدیدة، وکذلک ورد مضمونها فی آیات اُخرى أیضاً :
1 ـ (قَالَ أَنَا خَیْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِى مِن نَّار وَخَلَقْتَهُ مِن طِین)(1).
2 ـ (فَقَالَ ا لْمَلاَُ ا لَّذِینَ کَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ مَانَریـکَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا وَمَا نَرَیـکَ اتَّبَعَکَ إِلاَّ
الَّذِینَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِىَ الرَّأْىِ وَمَانَرَى لَکُمْ عَلَیْنَا مِن فَضْل بَلْ نَظُنُّکُمْ کَاذِبِینَ.... قَالُواْ یَانُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَکْثَرْتَ جِدَا لَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِنْ کُنتَ مِنَ الصَّادِقِینَ)(2).
3 ـ (قَالُواْ یَاشُعَیْبُ مَانَفْقَهُ کَثِیرًا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَلـکَ فِینَا ضَعِیفًا وَلَوْلاَ رَهْطُکَ لَرَجَمْنَاکَ وَمَآأَنتَ عَلَیْنَا بِعَزِیز)(3).
4 ـ (وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِى قَوْمِهِ قَالَ یَاقَوْمِ أَلَیْسَ لِى مُلْکُ مِصْرَ وَهَـذِهِ ا لاَْنْهَارُ تَجْرِى مِن تَحْتِى أَفلاَ تُبْصِرُونَ * أَمْ أَنَاْ خَیْرٌ مِنْ هَـذَا الَّذِى هُوَ مَهِینٌ وَلاَ یَکَادُ یُبِینُ)(4).
5 ـ (ذَلِکَ بِأَنـَّهُمْ قَالُواْ لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَیـَّامًا مَّعْدُودَات وَغَرَّهُمْ فِى دِینِهِم مَّاکَانُواْ یَفْتَرُونَ)(5).
6 ـ (فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ یَاصَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِنْ کُنتَ مِنَ ا لْمُرْسَلِینَ)(6).
7 ـ (یُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَکُن مَّعَکُمْ قَالُواْ بَلَى وَلَـکِنَّکُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَکُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْکُمُ ا لاَْمَانِىُّ حَتَّى جَآءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّکُم بِاللَّهِ ا لْغَرُورُ)(7).
8 ـ (هُمُ الَّذِینَ یَقُولُونَ لاَ تُنفِقُواْ عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى یَنفَضُّواْ وَلِلَّهِ خَزَآئنُ السَّمَاوَا تِ وَا لاَْرْضِ وَلَـکِنَّ ا لْمُنَافِقِینَ لاَ یَفْقَهُونَ * یَقُولُونَ لَئن رِّجَعْنَآ إِلَى ا لْمَدِینَةِ لَیُخْرِجَنَّ ا لاَْعَزُّ مِنْهَا ا لاَْذَلَّ وَلِلَّهِ ا لْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِینَ وَلَـکِنَّ ا لْمُنَافِقِینَ لاَ یَعْلَمُونَ)(8.
9 ـ (فَأَمَّا ا لاِْنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلیهُ رَبُّهُ فَأَکْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَیَقُولُ رَبِّى أَکْرَمَنِ)(9).
10 ـ (أَمْ یَقُولُونَ نَحْنُ جَمِیعٌ مُّنتَصِرٌ * سَیُهْزَمُ ا لْجَمْعُ وَیُوَلُّونَ الدُّبُرَ).(10)
11 ـ (وَذَرِ الَّذِینَ اتَّخَذُواْ دِینَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ ا لْحَیَاةُ الدُّنْیَا...)(11).
12 ـ (یَـأَیُّهَا النَّاسُ .... إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّکُمُ الْحَیَاةُ الدُّنْیَا وَلاَ یَغُرَّنَّکُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ)(12).
1. سورة الأعراف، الآیة 12.
2. سورة هود، الآیة 27 ـ 32.
3. سورة هود، الآیة 91.
4. سورة الزخرف، الآیة 51 و 52.
5. سورة آل عمران، الآیة 24.
6. سورة الأعراف، الآیة 77.
7. سورة الحدید، الآیة 14.
8. سورة المنافقون، الآیة 7 و 8.
9. سورة الفجر، الآیة 15.
10. سورة القمر، الآیة 44 و 45.
11. سورة الأنعام، الآیة 70.
12. سورة لقمان، الآیة 33.
إن هذه المفردة وردت بشکل واسع فی کلمات العرب ولاسیّما فی الآیات القرآنیة الکریمة والروایات الإسلامیة.
یقول الراغب فی مفرداته عن هذه الکلمة : فالغرور (بفتح الغین لیتضمن معنىً وصفیاً) کلّ ما یغرّ الإنسان من مال وجاه وشهوة وشیطان، وقد فسّر بالشیطان إذ هو أخبث الغارّین.
وفی (صحاح اللغة) عن کلمة (غُرور) انها بمعنى الاُمور الّتی تجعل الإنسان غافلاً (سواءاً المال والثروة أو الجاه والمقام أو العلم والمعرفة).
ویقول بعض أرباب اللغة کما یذکر الطریحی فی (مجمع البحرین) : إن الغُرور هو ما کان جذاباً وجمیلاً فی ظاهره ولکنه مظلم ومجهول فی باطنه.
وجاء فی کتاب (التحقیق فی کلمات القرآن الکریم) بعد نقل کلمات أرباب اللغة : أنّ الجذر الأصلی لهذه المفردة هی بمعنى اُصول الغفلة بسبب التأثر بشیء آخر لدى الإنسان ومن لوازمها وآثارها الجهل والغفلة والنقصان والإنخداع و... وجاء فی (المحجّة البیضاء فی تهذیب الأحیاء) الّذی یُعتبر من أفضل کتب الأخلاق وعبارة عن تهذیب لکتاب (إحیاء العلوم) للغزالی : «فالغرور هو سکون النفس إلى ما یوافق الهوى ویمیل إلیه الطبع عن شبهة فاسدة فهو مغرور، وأکثر الناس یظنون بأنفسهم الخیر وهم مخطئون فیه، فأکثر الناس إذاً مغرورون وإن اختلفت أصناف غرورهم واختلفت درجاتهم»(1).
وجاء فی (التفسیر الأمثل) فی معنى هذه المفردة أنّ (غَرور) على وزن (جسور)، صیغة مبالغة بمعنى الموجود الشدید الخُداع والحیلة والمکر ولذلک سُمّی الشیطان بـ (غَرور) حیث یوسوس للإنسان ویخدعه ویستغفله، وفی الحقیقة هو من قبیل بیان المصداق الواضح، وإلاّ فإنّ کلّ إنسان أو کتاب یمکن أن یقع فی مقام الوسوسة وکلّ موجود إذا عمل على إضلال الإنسان فإنه یدخل فی مصادیق کلمة (غَرور).
—–
1. المحجّة البیضاء، ج 6، ص 293.
من كتاب الأخلاق في القرآن لسماحة الشيخ المكارم الشيرازي
ج1