لماذا لم تٌذكر ولاية الأئمة في القرآن الكريم؟!

 

تعتبر ولاية عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) وأبنائه من بعده ركناً من أركان الإيمان عند الشيعة ، فلماذا لم يأت ذِكر هذا الركن في القرآن بشكل صريح ؟ رغم أنّ الصلاة والزكاة اللتين هي في مرتبة أدنى من الولاية جاءتا بشكل صريح ؟!

الجواب: 

إنّ جامع الأسئلة « رأى الحقّ وما عرفه » فإنّه لو قرأ القرآن بتدبّر وتأمّل ، وتجرد عن عقائده الموروثة لما خفي عليه نظير آية الولاية.
لقد بيّن القرآن المجيد ولاية عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) بأبلغ بيان في الآية المباركة التي تقول : ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾ 1 .
ولحسن الحظّ فإنّ أغلب المحدِّثين والمفسّرين نقلوا أنّ هذه الآية نزلت في عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فقد بلغ عددهم 66 محدِّثاً ومفسِّراً ، ومن بينهم تسعة من الصحابة .
وبما أن منهجنا هو الاختصار في الإجابة، فإنّي أُحيل السائل إلى مراجعة كتاب « الغدير » 2 .

ثمّ ما هذا التغافل عن الأحاديث المتواترة والمتضافرة التي ذكرت ولاية عليّ ( عليه السلام ) ، فأين السائل من حديث 1 ـ الغدير ، 2 ـ حديث المنزلة ، 3 ـ حديث « إنّ عليّاً منّي وأنا منه ، وهو وليّ كلّ مؤمن من بعدي » و . . . 3 .
وما تقوله من ورود ذكر الصلاة والزكاة في القرآن بشكل صريح ، فهو غلط وتلفيق ، فهل جاء في القرآن تفصيل الصلاة أو الزكاة وشرحهما ( من قبيل عدد الركعات ومقدار الزكاة . . . ) ؟ وكلّ جواب تأتي به هنا يكون هو جوابنا عليك في شأن الإمامة والولاية .

ثمّ إنّك بأيّ دليل تدّعي أنّ كلّ ما هو ركن من أركان الدِّين يجب أن يُذكر في القرآن ، فأنتم أهل السنّة تقولون : « القرآن قديم » ، وكلّ من يقول بأنّ « القرآن حادث » تعتبرونه كافراً . فلماذا لم يأت ذكر هذا الركن في القرآن الكريم ؟!
إنّنا لا نريد الخدش في العواطف إلاّ أنّ إصرار الطرف المقابل يدفعنا إلى أن نكشف عن وجه الحقيقة ، وهو أنّ المصلحة الكبرى اقتضت عدم ذكر اسم علي في القرآن الكريم، ذلك لأنّ الانتهازيين والمتربصين ربما يتآمرون على قتل الإمام ( عليه السلام )حتّى يخلو الجو لهم ليحققوا أغراضهم بعد رحيل النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
أضف إلى ذلك أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حين حاول أن يكتب كتاباً للأُمّة لكي لا تضل من بعده، ووقف القوم على قصد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من ذلك اتّهموه بما يندى له الجبين لذكره ، من هجره وهذيانه، وغلبة الوجع عليه.
ولذا فلو ذكر اسم علي ( عليه السلام ) في القرآن الكريم فمن الممكن أن يتجرّأوا أيضاً عليه بمثل ما تجرّأوا على كلام النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وبذلك يتسرب الشك إلى كلّ القرآن المجيد، وللتفصيل مجال آخر 4 .

1. القران الكريم : سورة المائدة ( 5 ) ، الآية : 55 ، الصفحة : 117 .

2. الغدير في الكتاب والسنة والأدب : 3 / 156 ، 162 .

3. سنن الترمذي: 5 / 297 ، الحديث 3796 ; مستدرك الحاكم : 3 / 110 ; مصنّف ابن أبي شيبة : 7/ 271، الحديث 132 .

4. هذه الإجابة نُشرت على الموقع الالكتروني الرسمي لسماحة الشيخ جعفر السبحاني دامت بركاته .