ولكن ليطمئن قلبي

حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه ، عن عمه محمد بن أبي القاسم

قال : حدثني أبو سمينة محمد بن علي الكوفي ، عن موسى بن سعدان ، عن عبد الله بن -

القاسم ، عن صالح بن سهل ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل : " فخذ أربعة

من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا - الآية " قال : أخذ الهدهد

والصرد والطاووس والغراب ، فذبحهن وعزل رؤوسهن ، ثم نحز أبدانهن في المنحاز (1 )

بريشهن ولحومهن وعظامهن حتى اختلطت ، ثم جزأهن عشرة أجزاء على عشرة

أجبل ، ثم وضع عنده حبا وماء ، ثم جعل مناقيرهن بين أصابعه ، ثم قال : آتين سعيا

بإذن الله عز وجل ، فتطاير بعضها إلى بعض اللحوم والريش والعظام حتى استوت

الأبدان كما كانت وجاء كل بدن حتى التزق برقبته التي فيها رأسه والمنقار ، فخلى

إبراهيم عن مناقيرهن فوقعن ( 2 ) وشربن من ذلك الماء ، والتقطن من ذلك الحب ، ثم

قلن : يا نبي الله أحييتنا أحياك الله ، فقال إبراهيم : بل الله يحيى ويميت ، فهذا تفسير

الظاهر ، قال عليه السلام وتفسيره [ في ] الباطن خذ أربعة ممن يحتمل الكلام فاستودعهم علمك

ثم أبعثهم في أطراف الأرضين حججا لك على الناس وإذا أردت أن يأتوك دعوتهم بالاسم

الأكبر يأتونك سعيا بإذن الله عز وجل .

قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه : الذي عندي في ذلك أنه عليه السلام أمر بالامرين

جميعا ، وروي أن الطيور التي أمر بأخذها الطاووس والنسر والديك والبط ، وسمعت

محمد بن عبد الله بن محمد بن طيفور يقول في قول إبراهيم عليه السلام " رب أرني كيف تحيى

الموتى - الآية " إن الله عز وجل أمر إبراهيم أن يزور عبدا من عباده الصالحين فزاره

فلما كلمه قال : إن لله تبارك وتعالى في الدنيا عبدا يقال له إبراهيم اتخذه خليلا ،

قال إبراهيم : وما علامة ذلك العبد ؟ قال : يحيى له الموتى فوقع لإبراهيم أنه هو فسأله

أن يحيي له الموتى " قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي " يعني على الخلة و

يقال : إنه أراد أن يكون له في ذلك معجزة كما كانت للرسل ، وإن إبراهيم عليه السلام سأل

ربه أن يحيي له الميت ( 3 ) فأمره الله عز وجل أن يميت لأجله الحي سواء بسواء ،

وهو أنه لما أمره بذبح ابنه إسماعيل وإن الله عز وجل أمر إبراهيم عليه السلام أن يذبح أربعة

من الطير طاووسا ونسرا وديكا وبطا ، فالطاووس يريد به زينة الدنيا ، والنسر يريد به

الامل الطويل ، والبط يريد به الحرص ، والديك يريد به الشهوة . يقول الله عز وجل

إن أحببت أن يحيى قلبك ويطمئن معي فأخرج عن هذه الأشياء الأربعة فإنه إذا كانت

هذه الأشياء في قلب فإنه لا يطمئن معي . وسألته كيف قال : " أولم تؤمن " مع علمه

بسره وحاله ، فقال : إنه لما قال " رب أرني كيف تحيى الموتى " كان ظاهر هذه اللفظة

توهيما أنه لم يكن يتيقن ( 4 ) ، فقرره الله عز وجل ( 5 ) بسؤاله عنه إسقاطا للتهمة عنه

وتنزيها له من الشك .

المصدر: الخصال للصدوق(ره)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ النحز : الدق بالمنحاز وهو الهاون .

2ـفي بعض النسخ " فوقفن " .

3ـ في بعض النسخ " أن يحيى الموتى " .

4ـ   في البحار " كان ظاهر هذه اللفظة توهم أنه لم يكن بيقين " .

5ــ في بعض النسخ " فقرنه الله عز وجل " .