شيعة أهل البيت (عليهم السلام) والاهتمام البالغ بالقرآن الكريم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين الى قيام يوم الدين وبعد:

قال تعالى: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) الأعراف:204.

إن القرآن الكريم أحدث في الحياة البشرية أعظم انقلاب وتغيير شمل كل مناحي الحياة، وامتد شعاعه إلى أبعد الأصقاع، وأذهل أقوى الأدمغة واكتسح أعظم الحضارات وأقام فوق ركامها أنظف حضارة وأجمل حياة وأكمل سيادة وسياسة.

هذا وقد كان لشيعة أهل البيت عليهم السلام اليد الطولى والسهم العظيم في الاهتمام به، والعمل على دراسته وتفسيره، وبيان معانية ومضامينه، واكتشاف أسراره وآياته وبيناته بهدى من أئمتهم عليهم السلام الذين هم عدل القرآن وأهله الذين أنزل القرآن في بيوتهم.

فكتبوا ونشروا وحثوا أيما حث على قراءته وحفظه ونشره وتجويده ولاستناد إليه في كل حقول المعرفة، وكان السبب في اهتمام الشيعة بالقرآن في الدرجة الأولى هو أهمية القرآن نفسه وعظمة أمره، ثم الاقتداء بالنبي الأكرم صلى الله عليه وآله والأئمة من أهل بيته عليهم السلام في ذلك.

 

كتب في فضل القرآن الكريم:

فمن ينظر إلى الأحاديث المروية عن أئمة أهل البيت عليهم السلام والتي تحدثوا فيها عن القرآن الكريم يواجه عناية بالغة وكبيرة منهم بهذا الكتاب الإلهي الخالد، ثم من يطلع على بقية أحاديثهم في شتى جوانب الدين يجدها مليئة بالاستدلالات من القرآن الكريم مما يكشف عن شدة حرصهم على البقاء إلى جانب القرآن والانطلاق منه والرجوع إليه، ويشهد بذلك ما ألفه علماء الإمامية سددهم الله تعالى ورواتهم حول فضل القرآن وخصائصه وعلومه ومزاياه وفي شتى المجالات، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:

1ـ كتاب فضل القرآن ليونس بن عبد الرحمن من أصحاب الإمام الرضا عليه السلام.

2ـ كتاب فضل القرآن لمحمد بن الحسن الصفار المتوفي سنة 290 هـ.

3ـ كتاب نوادر القرآن لعلي بن إبراهيم بن هاشم في القرن الثالث الهجري.

4ـ كتاب فضل القرآن لمحمد بن مسعود العياشي في القرن الثالث الهجري.

5ـ كتاب فضائل القرآن لأحمد بن محمد بن عمار المتوفي سنة 346هـ.

كما عقد جمع من علماء الإمامية أبواباً خاصة حول القرآن في كتب الحديث مثل:

1ـ كتاب فضل القرآن في الجزء الثاني من أصول الكافي للكليني.

2ـ كتاب فضل القرآن في الجزء الثاني من موسوعة من لا يحضره الفقيه.

3ـ كتاب القرآن في الجزء الرابع من موسوعة وسائل الشيعة.

4ـ كتاب القرآن في الجزء الأول من مستدرك وسائل الشيعة.

5ـ كتاب القرآن في الجزء الثاني والتسعين من موسوعة بحار الأنوار.

وهذا يدلك على مدى اهتمام الشيعة بالقرآن الكريم، كما أن التأريخ يشهد لهم مدى تفانيهم وبذلهم لأرواحهم على مدى التأريخ في سبيل القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام، وقبل كل ذلك كان الإمام أمير المؤمنين عليه السلام هو أول من سمع القرآن من رسول الله صلى الله عليه وآله وخالجته آياته، وهو أول من جمعه بأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وكتب تفسيره وتأويله وشأن نزوله كما في متضافر الأدلة انظر «تأسيس الشعية لعلوم الإسلام: ص316 ـ 317؛ الذريعة: ج4، ص231».

 

مفسروا الشيعة:

أما في علوم التفسير فكان الشيعة لهم القدم الأول في ذلك،وقد ذكر الشيخ الذهبي من علماء الأزهر في كتابه التفسير والمفسرون عدداً من ذلك بعد أن استعرض بنحو مجمل من كتب في العصر الإسلامي الأول، وعد على رأسها تفسير الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، أول من كتب في التفسير، ثم قال في كتابه: وقد عد السيوطي في الإتقان من اشتهر بالتفسير من الصحابه وسماهم، ومن سماهم ابن مسعود، وابن عباس، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت وغيرهم ... ثم قال: أما علي بن أبي طالب عليه السلام فهو أكثر الخلفاء الراشدين رواية عنه في التفسير «التفسير المفسرون: ج1، ص63 ـ 64».

وفي مكان آخر قال: جمع علي عليه السلام إلى مهارته في القضاء والفتوى علمه بكتاب الله، وفهمه لأسراره وخفي معانيه، فكان أعلم الصحابة بمواقع التنزيل ومعرفة التأويل، وقد روي عن ابن عباس أنه قال: ما أخذت من تفسير القرآن فعن علي بن أبي طالب عليه السلام «التفسر والمفسرون: ج1، ص89 ـ 90».

وليس الذهبي منفرداً في هذا القول، فقد ذكر هذا الكثيرون غيره أنظر «بين الجدران: ج1، ص17ـ 18؛ دائرة المعارف الإسلامية الشيعية: ج11، ص52».

 

سعيد بن جبير:

أما أول من صنف في التفسير فهو ترجمان القرآن عبد الله بن العباس المتوفي سنة 68هـ، ثم تلميذه سعيد بن جبير الذي قتله الحجاج عام 94هـ «الذريعة: ج4، ص233».

وقيل: سنة 95 هـ وكان من المشهورين في التفسير، بل روي عن قتادة أن سعيداً كان أعلم معاصريه بالتفسير دائرة المعارف الإسلامية الشيعية: ج11، ص55؛ انظر الإتقان في علوم القرآن: ج2، ص1234؛ تأسيس الشيعة لعلوم الإٍسلام: ص324.

وأسند أبو عمر الكشي في كتاب الرجال عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام أنه قال: سعيد بن جبير كان يأتم بعلي بن الحسين عليه السلام، وكان علي بن الحسين عليه السلام يثني عليه، وما كان سبب قتل الحجاج له إلا على هذا الأمر ـ يعني التشيع ـ وكان مستقيماً «رجال الكشي: ج1، ص335».

وقد اهتم الشيعة اهتماماً كبيراً بالتفسير، وكتبوا فيه الكثير من الكتب، منها في تفسير كل القرآن، ومنها في بعضه.

 

القرآن وأهل البيت عليهم السلام:

 إن من يتتبع أحاديث العترة النبوية الطاهرة يجدها تسير جنباً إلى جنب مع القرآن، تتمسك بآياته، وتستدل بإشاراته، كما أن القرآن الكريم نفسه يشيد بمواقفهم وأقوالهم عليهم السلام؛ إذ وصفهم بالطهارة من الرجس المعنوي والمادي ذلك الوصف المؤكد الذي يقتضي تنزيههم عن أي خطأ وخطل، ومخالفة للكتاب، بل يقتضي كونهم مع القرآن في هدف واحد وعلى جاده واحدة، ولا غرابه إذا قيل: إنهم عليهم السلام ورثوا الكتاب وعلمه وفهمه وفقه أسراره ومقاصده وأبعاده وبطونه دون غيرهم، فذلك أمرٌ قد جرى بعض منه فيه الأنبياء السابقين وأوصيائهم كما يصرح القرآن الكريم بذلك.

وقد صرح أئمة أهل البيت المطهرون عليهم السلام بهذا الأمر في تصريحات مستقلة، مثلما روي عن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام إذ قال: «نحن الذين اصطفانا الله عز وجل، وأورثنا هذا الذي فيه تبيان كل شيء» أصول الكافي: ج1، ص226، ح7.

 

أدلة على ما تقدم:

على أن العقل يحتم مثل هذه الوراثة للكتاب وعلمه وفهمه وفقهه؛ إذ لولا الصفوة التي ترث مسؤولية الحفاظ على الرسالة لضاعت الرسالة، وضاعت جهود صاحبها، وانتقض الغرض من بعثته صلى الله عليه وآله.

ومن البديهي أن أولى الناس بذلك هو من يرتبط بصاحب الرسالة بوشائج القربى، ويكون على درجة عالية من الطهر والتقى والورع والذكاء والنبوغ ليزداد حرصه على الرسالة وعلى ميراث صاحبها من العلوم والمعارف؛ ولهذا اختص نسب الرسول وذريته عليهم السلام بعلم الكتاب العزيز، فهم تحملوه وحملوه كمسؤولية كبرى، وتجشموا في سبيل المحافظة عليه عناء كبيراً ونصباً كثيراً، وقاتلوا الناس على تنزيله، ثم قاتلوهم على تأويله، ثم إن البراهين والأدلة العملية التي قدمها الأئمة عليهم السلام في مجال تفسير القرآن وفك رموزة وبيان بطونه وأبعاده بنفسها خير شاهد على ذلك، ونذكر هنا جملة من الأحاديث الواردة بهذا الشأن تيمناً وتبركاً:

1ـ عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «إني تارك فيكم الثقلين، ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي: كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض» مستدرك الوسائل:ج7 ص254 ـ255، ح8181، باب 47 من كتاب الزكاة؛ بحار الأنوار: ج2، ص100، ح59؛ وانظر الإرشاد: ج1، ص233.

2ـ عن أبي جعفر عليه السلام قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنا أول وافد على العزيز الجبار يوم القيامة وكتابه وأهل بيتي، ثم أمتي، ثم أسألهم وما فعلتم بكتاب الله وأهل بيتي» وسائل الشيعة: ج6، ص170، ح2، باب 2 من أبواب قراءة القرآن.

3ـ وقال صلى الله عليه وآله: « هم مع القرآن والقرآن معهم لا يفارقونه حتى يردوا علي الحوض» بحار الأنوار: ج22، ص150، ح142.

ولا يخفى على اللبيب دلالة المعية وعدم الفارقة على التلازم وعدم الافتراق أو الاختلاف في كل شيء حتى يوم القيامة.

4ـ وعن علي عليه السلام قال: «سلوني فوالله لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم به واسألوني عن كتاب الله فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار، أم في سهل أم في جبل» الإتقان في علوم القرآن: ج2 ص1227؛ وانظر الغدير: ج6، ص193؛ بحار الأنوار: ج40، ص179، ح61.

5ـ وعنه عليه السلام قال: «والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيم نزلت وأين نزلت ... إن ربي وهب لي قلباً عقولاً ولساناً سؤولاً» المناقب: ج2، ص43 الإتقان في علوم القرآن: ج2ص1227.

6ـ وعنه عليه السلام قال: «سلوني قبل أن تفقدوني، سلوني عن كتاب الله فما من آية إلا وأعلم حيث نزلت بحضيض جبل أو سهل أرض» بحار الأنوار: ج40 ص190، ح74.

7ـ وعن أبي الصباح قال: والله لقد قال لي جعفر بن محمد عليه السلام: «إن الله علَّم نبيه صلى الله عليه وآله التنزيل والتأويل، فعلمه رسول الله صلى الله عليه وآله علياً عليه السلام قال: وعلمنا والله» الكافي: ج7، ص442، ح15؛ التهذيب: ج8، ص286، ح1052، وسائل الشيعة: ج23، ص224، ح29426، باب 12 من أبواب كتاب الأيمان.

8ـ وعن عبد الأعلى مولى آل سام قال: سمعت أبي عبد الله الصادق عليه السلام يقول: «والله إني لأعلم كتاب الله من أوله إلى آخره، كأنه في كفي، فيه خبر السماء وخبر الأرض وخبر ما كان وخبر ما هو كائن»، قال الله عز وجل: (تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ) النحل:89, أصول الكافي: ج1، ص229، ح4، «وفيه فيه تبيان كل شيء».

9ـ وعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام في قول الله عز وجل: «بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ» العنكبوت:50 قال: «هم الأئمة عليه السلام» أصول الكافي: ج1، ص214، ح2.

وفي رواية آخرى: «هم الأئمة عليهم السلام خاصة» أصول الكافي: ج1، ص214، ح5.

10ـ وعن أبي جعفر الباقر عليه السلام في تفسير قول الله عز وجل: (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) الزمر:10, قال عليه السلام: «إنما نحن الذين يعلمون، والذين لا يعلمون عدونا، وشيعتنا أولو الألباب» أصول الكافي: ج1، ص212، ح1.

11ـ وعن علي أمير المؤمنين عليه السلام قال: «إن الله تبارك وتعالى طهَّرنا وعصمنا وجعلنا شهداء على خلقه، وحجته في أرضه، وجعلنا مع القرآن وجعل القرآن معنا لا نفارقه ولا يفارقنا» بحار الأنوار: ج23، ص343، ح26.

12ـ وعنه عليه السلام قال:«نحن أهل البيت لا يقاس بنا أحد، فينا نزل القرآن، وفينا معدن الرسالة» بحار الأنوارج26، ص269، ح5.

13ـ وعن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: (فَسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) النحل: 44. قال عليه السلام «الذكر القرآن، ونحن أهله» بحار الأنوار: ج23، ص181، ج37.

14ـ وعن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عز وجل: (سَنَفْرُغُ لَكُمْ آيُّهَ الثَّقَلاَنِ), قال: «الثقلان نحن والقرآن» بحار الأنوار: ج24، ص324، ح37.

15ـ وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إن الله جعل ولا يتنا أهل البيت قطب القرآن» بحار الأنوار: ج89، ص27، ح29.

هذا وقد تواترت الأخبار الدالة على كونهم عليهم السلام عدل القرآن والثقل الذي أوصى به النبي الأعظم صلى الله عليه وآله، والدال على تلاحمهم المطلق مع القرآن فكراً وقولاً وعملاً، بل هم القرآن الناطق عن الهوى، وقد وردت أكثر من ثلاثين رواية بهذا الشأن عن طرقنا، وأكثر من ست عشرة رواية من طرق العامة تدل على ذلك، كما أورده العلامة البحراني، البرهان في تفسر القرآن: ج1، ص9 ـ 15 و26 ـ 28. وغيره.

 

التفسير بالأثر:

ومن هنا اتفق أصحابنا على أن تفسير القرآن لا يجوز إلا بالأثر الصحيح عن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله والأئمة الطاهرين عليهم السلام، وحرموا القول في بالرأي والاجتهاد، وهذا ما رواه العامة أيضاً عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: «من فسر القرآن برآية وأصاب الحق فقد أخطأ» التبيان:ج1، ص4، مقدمة المؤلف والظاهر أنهم التزموا به من حيث الكبرى وإن خالف جمع غير قليل من مفسريهم الالتزام بذلك من حيث الصغرى، خصوصاً ما يتعلق بالآيات الواردة بشأن أهل البيت عليهم السلام وبيان فضائلهم ومقاماتهم الربانية.

ومن الواضح أنه لا يجوز أن يكون في كلام الله عز وجل وحججه المعصومة عليهم السلام تناقض أو تضاد أو تعارض حقيقي لما فيه من القبح ونقض الغرض وغيرهما من المحالات.

كيف لا وقد عرفت أنهم عليهم السلام عدله، بل والناطق من كلماته وآياته، كما أنه الميزان الذي يفصل بين منطقتهم وحديثهم ومنطق وحديث غيرهم، ومما يؤكد ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام: «إذا جاءكم منا حديث فاعرضوه على كتاب الله فما وافق كتاب فخذوه، وما خالفه فاطرحوه أو ردوه علينا» التهذيب: ج7، ص275، ح1169.

ولعلمائنا الأعلام في علمي التفسير والأصول كلام مفصل في بيان المقصود من التفسير بالرأي وحل بعض التشابه البدوي الذي قد يتصوره البعض تعارضاً واقعاً بين الآيات والروايات بما لا يسعنا المجال لبيانه هنا من أراد الاطلاع يمكنه مراجعة مجمع البيان، ج1، ص6؛ تفسيرالصافي: ج1، ص32 ـ 35؛ البرهان في تفسير القرآن: ج1، ص17ـ19.

 

روايات العامة:

هذا مضافاً إلى ما تواتر نقله في كتب العامة فضلاً عن الخاصة من حديث الثقلين الدال على تلاحم القرآن وأهل البيت عليهم السلام، فقد أوردوا في كتبهم من روايته عن الصحابة الذين سمعوه من رسول الله صلى الله عليه وآله أكثر من ثلاثين صحابياً، وبقي على ذلك متواتراً في كل عصر الى العصر الحاضر، ونص الحديث هو قوله صلى الله عليه وآله: «إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض» أنظر: وسائل الشيعة: ج27، ص34، ح33144، باب 6 من أبواب صفات القاضي وما يجوز أن يقضي به؛ وانظر الخصال: ج1، ص65، ح97؛ سنن الترمذي: ج5، ص663، ح3788؛ مسند أحمد: ج3، ص14و17و26؛ المستدرك على الصحيحين: ج3، ص148.

وقوله صلى الله عليه وآله «ما أن تمسكتم بها لن تظلّوا» مع قوله صلى الله عليه وآله «وأنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض» يعينان الأئمة الإثني عشر المعصومين عليهم السلام من عترة الرسول صلى الله عليه وآله وذرّيته كما ذكره العلّامة البلاغي (قد) ولعل من دلائل ذلك أيضاً إجماع المسلمين على أن من عداهم عليهم السلام ليس معصوماً، ولا يتصف بأنه مثل كتاب الله لا يضلّ من تمسك به. وهذه أسماء الصحابة السامعين لهذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله: 1ـ عليّ أمير المؤمنين عليه السلام 2ـ عبد الله بن عباس 3ـ أبو ذر الغفاري 4ـ جابر الأنصاري 5ـ عبد الله بن عمر 6ـ حذيفة بن أسيد 7ـ زيد بن الأرقم 8ـ عبد الرحمن بن عوف 9ـ ضمير الأسلمي 10ـ عاصم بن ليلى 11ـ أبو رافع 12ـ أبو هريرة 13ـ عبد الله بن حنطب 14ـ زيد بن ثابت 15ـ أُم سلمة 16ـ أم هاني أخت أمير المؤمنين عليه السلام 17ـ خزيمة بن ثابت 18ـ سهل بن سعد 19ـ عدي بن حاتم 20ـ عقبة بن عامر 21ـ أبو أيوب الانصاري 22ـ أبو سعيد الخدري 23 ـ أبو شريح الخزاعي 24 ـ أبو قدامة الأنصاري 25 ـ أبو ليلى 26 ـ أبو الهيثم بن التيهان.

وهؤلاء الذين ذكرنا أسماءهم من بعد أم هاني قد رواه كل منهم منفرداً كمن تقدمه، وقاموا في رحبة الكوفة مع سبعة من قريش، فشهدوا أنهم سمعوه من رسول الله صلى الله عليه وآله، فهؤلاء ثلاثة وثلاثون، ورواه أبو نعيم الإصبهاني في كتاب منقبة المطهرين مسنداً عن جبير بن مطعم، وأسنده أيضاً عن أنس بن مالك، وأسنده عن البراء بن عازب، ورواه موفق بن أحمد أخطب خوارزم عن عمرو بن العاص، وقلما يخلو عن رواية هذا الحديث مسند أو جامع أو كتاب في الفضائل لأهل السنة من أول ما أخرج الحديث من الحفظ وصدور الحفاظ إلى صحف المحدثين ولا زالت يروى فيها عن صحابي واحد أو أكثر، وربما روي في واحد منها عن أكثر من عشرين صحابياً إما مجملاً كما في الصواعق، وإما مسنداً مفصلاً كما في كتب السخاوي والسيوطي والسمهودي وغيرهم، ومن أراد الاطلاع فليرجع إلى الجزأين المكتوبين في أسانيد هذا الحديث من كتاب العبقات.

كما ورواه الإمامية في كتبهم وأسانيدهم المتكررة عن الباقر والصادق والكاظم والرضا عليهم السلام، عن آبائهم عليهم السلام، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وبالأسانيد الآخر عن أمير المؤمنين عليه السلام وعمر وأبي ذر وجابر وأبي سعيد وزيد بن أرقم وزيد بن ثابت وحذيفة بن أسيد وأبي وهريرة وغيرهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله كما في غاية المرام انظر علوم القرآن عند المفسرين: ج1، ص204.

 

أهل البيت عليهم السلام عدل القرآن:

تضافرت الأدلة من الآيات والروايات بل وهو مما يحكم به العقل أيضاً فضلاً عن الإجماع أن أهل البيت عليهم السلام عدل القرآن الكريم، وهما القيمتان المتكاملتان والمتلاحمتان في الجوهر والمضمون، ولا يفصل بينهما مكان أو زمان أو رأي أو مفهوم، ولا يوزعهما فكر أو تطبيق، شعاعان من نور واحد، وطريقان في هدف واحد، ويشتركان معاً في إضاءة عقل الإنسان وروحه وقلبه، ويوجهانه إلى حيث سعادته وبناء حياته وحضارته الحرة الكريمة، فلولا القرآن لم يكن للحياة هدى، ولا للإنسان رشد، ولا علق في طرفه نور، ولولا أهل البيت عليهم السلام لم يكن للرشد مرشد، ولا للعلم معلم أو تعليم، ولا للنور شعاع أو مصباح، فالقرآن أصل العلم، وأهل البيت عليهم السلام معرفته ومعدنه وبيانه؛ ولذا كان أكثر ما نزل به القرآن ما يرتبط بهم عليهم السلام من قريب أو بعيد، وبضعه في ولايتهم ومودتهم وطاعتهم عليهم السلام، وبعضه في فضح أعدائهم، وبعضه في الأحكام والفضائل التي لا تصل غايتها ولا تقع مقبولة عند الخالق تبارك وتعالى إلا إذا اقترنت بمحبتهم، ووصلت من طرقهم.

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.